الحكم الأموي. 1

خط زمني للعصبية 3

العرب بعد العصر العباسي. 4

الحكم العثماني. 7

 

الحكم الأموي

وقفنا على الحركة الباطنية التي أسّسها إبن سبأ اليهودي، و أدّت لفتنة مقتل عثمان ثم لقتال الصحابة، ثم لكربلاء. و مرّ معنا خروج المختار في العراق و حمله لأفكار إبن سبأ[1]. و خلال تلك الفتنة تنشّطت تلك الحركات الباطنية[2] و أظهرت كفرها الصريح. و لكن بعد أن قمع بنو أمية هذه الفتنة، تراجعت هذه الحركات أمام تخطيط بني أمية الذين ضربوا عليهم بيد من حديد. و ظنَّ الناس أنه لن تقوم قائمة للفرس بعد خلافة معاوية t. و للناس عذرهم فيما يظنون لأن معظمهم يجهل تاريخ أديان الفرس، و قدرتها على التحول من العلنية إلى السرية (و هو ما يسميه الشيعة بالتقية و الدين المخفي). أما ناصر بن سيار –والي بني أمية على خُراسان– فكان يبصر المؤامرات التي يدبرها الفرس في جنح الظلام، و قد كتب إلى مروان بن محمد –آخر حكام بني أمية– قائلاً[3]:

أرى خلل الرماد وميض جمرٍ                                                    و أخشى أن يكون لها ضرامُ

فإنَّ النَّارَ بالعيدانِ تَذْكِي                                                        و إنَّ الحربَ مبْدَؤها الكلامُ

فقلتُ مِنَ التَّعجُّبِ ليتَ شِعْري                                                                         أ أيـقـاظٌ أمـيَّـة أمْ نِـيــــــــــــامُ؟

و لم يكن الخليفة نائماً لكنه كان مشغولاً بقمع ثورات الخوارج المتوالية، و خاصة ثورة أبي حمزة الخارجي الذي قطع طريق الحجّ و أوقف الصلاة في المسجد النبوي. فترك مروان بن محمد الخطر البعيد و همّ بقمع الثورات القريبة منه. و كان العرب –الذين هم عماد قوة بني أمية– في الجيل الرابع آنذاك، و قد أخذ الترف بنو أمية و ألها أمرائهم، فلم يتمكن من جمع عصبية قويّة تقاتل دونه. و لم يكن بني أمية نياماً، و لكن التنظيم أقوى من الفوضى. و ما كانت الفرقة و التناحر و الترف قادرة على دحر التخطيط و العمل الجاد المستمر.

و في عام 129هـ ظهر القائد الفارسي أبو مسلم الخراءساني[4] قرب مدينة "مرو" و احتلها عام 130هـ. و تراكض الفرس الناقمون على الدولة الأموية للالتحاق بذلك الجيش. ثم سقطت خُراسان كلها بأيدي العباسيين. و بعد سقوط خراسان وجَّه أبو مسلم جيوشه إلى العراق فاحتلها، و أظهرت أبا العباس السَّـفَّاح (كما كان يسمي نفسه!) من مخبئه، و بويع بالخلافة عام 132هـ. و منذ هذا التاريخ بدأ حكم الفرس فعلاً. و كان خلفاء بني العباس أشبه بالضيوف في بيت أبي مسلم الخراساني أو في بيت جعفر البرمكي الفارسي باستثناء طيبة جريئة من خلفاء بني العباس و تكاد لا تذكر من ندرتها.

و أشفى الخراساني غليلَ الفرس من العرب المسلمين. فأشبعهم قتلاً و تنكيلاً و بطشاً منذ قيام الدَّولة العبّاسية و حتى عام 137هـ. و شقَّ على الخليفة عصا الطاعة و حاول أن يستقلَّ بخراسان، لولا أن الخليفة المنصور استدرجه بحنكته و دهائه، و فرَّق معظم أتباعه، ثم قتله عام 137هـ. و لم يكن مقتل أبي مسلم الخراساني أمراً سهلاً. ففي عام 138هـ خرج "سنباذ" يطالب بدم أبي مسلم. و سنباذ هذا مجوسي استطاع أن يجمع تحت لوائه جيشاً من الفرس تغلَّب بهم على قوس و أصبهان. فبعث إليه أبو جعفر المنصور جيشاً هزمه في همذان و الريّ. و في عام 141هـ ظهرت جماعة من الخراسانيين من جماعة أبي مسلم الخراساني في قرية رواندا قرب أصفهان و عرفو بالراوندية و كانو يقولون بتناسخ الأرواح، و نادو بألوهية المنصور. و أرادو من وراء ذلك قتله ثأراً لزعيمهم أبي مسلم. لكنّ المنصور قاومهم بنفسه و انتصر عليهم، غير أنّهم تمكنو من قتل عثمان بن نهيك قاتل أبي مسلم.

و في عام 161هـ ظهر رجل فارسي أطلق عليه اسم "المقنّع" و ادعى أن الله سبحانه و تعالى قد حل بآدم u ثم نوح ثم في أبي مسلم الخراساني ثم حلّ فيه بعد أبي مسلم. و اجتمع عليه خلق كثير تغلَّب بهم على بلاد ما وراء النهر، و احتمى بقلعة "كش". فأرسل إليه الخليفة "المهدي" جيشاً بقيادة سعيد الجرشي، فحاصره و هزمه و قتل كثير من أصحابه. فلما أحسّ بالهلكة شرب سُمّاً و سقاه نساءه و أهله فمات و ماتو جميعاً. و دخل المسلمون قلعته و احتزو رأسه و أرسلوه إلى المهدي سنة 163هـ.

و المهدي أنشأ هيئة مهمتها التنقيب و البحث عن الزنادقة[5]. و جعل لها رئيساً أطلق عليه أسم "صاحب الزنادقة". و لقد أوصى المهدي ابنه "الهادي" بتتبع الزنادقة و البطش بهم. و رغم قيام هيئة مختصة مهمتها تتبع الزنادقة استطاعو أن يحتفظو بأنشطتهم بصورة سريّة. و عن هذا الطريق تمكنو من احتلال أغلب المناصب في دولة بني العباس، و بلغ أحدهم (الأفشين) قائد جيوش المعتصم.

و قد حاول المعتصم (إبن الجارية التركية) الاستعانة بالتُرك ضد الفرس لِما في الترك من الشِّدَّة و الْبَأْس حَتَّى كَانَ أكثر عَسْكَر الْمُعْتَصِم مِنْهُمْ. و قد شعر إبنه الْمُتَوَكِّل بتزايد نفوذهم، فحاول الاستعانة بالعرب ضدهم و نقل العاصمة إلى دمشق، و لكن بعد فوات الأوان. إذ أن خلفاء بني العباس الأوائل قد قمعو العرب و أذهبو عصبيتهم القوية، ثم أتى عهد الرّشيد فأفسدهم بالمال الكثير الذي صار يغدقه عليهم. فلمّا أحسّ الأتراك به قتلوه و غَلَبَو على الْمُلْك من بعده. ثُمَّ قتلو أولاده وَاحِدًا بَعْد وَاحِد إلى أن خَالَطَ الْمَمْلَكَة الدَّيْلَم. و صار الحُكم لهم كليّةً، حتى لم يَعُد للخليفة العباسي إلا الإسم.

ربما نحتج على مبدأ بنو أمية "الحكم للأقوى" ما بذلو من دماء في سبيل تحقيق هدفهم بالحكم. على أننا نجد أن الدولة الأموية كانت عربية القلب و اليد و اللسان. لم يكن فيها مكان للموالي أو للعجم، لأن الأمويون كانو يعلمون بالدعوات الباطنية التي يكتمها الفرس، و يعلمون عصبيتهم الضعيفة مقارنة مع عصبية العرب. فحقق الأمويون فتوحات عظيمة و امتدت دولتهم من وسط فرنسا حتى غرب الصين دون أن تضعف سيطرة الخلافة في دمشق على الأطراف. و ظل الإسلام نقياً من الحركات الراغبة في تحريفه. على أنه ما إن انهارت الدولة الأموية و بدأت الدولة العباسية حتى عادت العصبية الشعوبية و اشتدت و كثرت الحركات الهدامة كالزنادقة و البرامكة و المعتزلة و الجهمية …إلخ، بسبب إهمال خلفاء بني العباس.

بني أمية للأنباء ما صنعوا......... و للأحاديث ما شادوا و ما دانوا
كانوا ملوكاً سرير الشرق تحتهم......... فهلا سألت سرير الغرب ما كانوا؟
عالين كالشمس في أطراف دولتهم......... في كل ناحية مُلكٌ و سلطانُ
لولا دمشـق لما كانت طليطلة......... و لا زهت ببني العباس بغدانُ
مررت على المسـجد المحزون أسأله......... هل في المصلى أو المحراب مروان
تغير المسجد المحزون و اختلفت......... على المنابر أصوات و أحزان

أما السَّـفـَّاح فكان إسماً على مُسَمَّى. و أما أبو جعفر المنصور فكان طاغيةَ سلّط الفُرس على العرب، و قام بجلد الإمام مالك و بتعذيب الإمام أبي حنيفة وسجنه حتى الموت. و كان شرّ أعماله هو القضاء على عصبية العرب بجيوشٍ فارسية، مما صار فيما بعد سبباً في انهيار الدولة العبّاسية. أما الهادي و المهدي و الرّشيد، فكانو أحسن ملوك بني عباس على ضعفهم و تسيّبهم.

روى ابن القيم أن أبا البختري دخل على المهدي فوجده يلعب بالحمام، فروى له «لا سبق إلا في خف أو نصل أو حافر أو جناح». فلمّا خرج قال (المهدي): «أشهد أن قفاك قفا كذاب على رسول الله r». ثمّ لم يدَعِ الحمام لتسببهنّ في كذب هذا على رسول الله r. و هو الذي دخل على الرشيد و هو يُطيِّر الحَمَام. فقال: «هل تحفظ في هذا شيئاً»؟ فقال: «حدثني هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة أن النبي r كان يطيّر الحمام». فقال الرشيد: «إخرج عنّي». ثم قال: «لولا أنه رجل من قريش لعزلته يعني من القضاء»[6].

فانظر لإهمال و تسيّب هذا "المهدي" الذي لم يستطع حتى مواجهة أبا البختري، فضلاً أن يعاقبه. و لذلك استمرّ ذلك المنافق بالكذب على رسول الله r بلا حياء أمام "الرشيد" أيضاً الذي لم يسكت عنه فحسب، بل إنه لم يعزله من القضاء! فبالله عليك كيف يتولّى رجل منافقٌ كذّاب منصب القضاء؟ فإهمال العباسيين للكذابين في الحديث كان السبب الأول لانتشار الأحاديث الموضوعة، و انتشار البدع في الإسلام.

أما الأمين (ابن الرشيد من زوجته العربية) فكان غدّاراً مُسرِفاً، سبّب حرباً أهلية أطاحت برأسه بسبب سوء تدبيره. و أما المأمون (إبن الرشيد من زوجته الفارسية) فكان طاغيةً مُبتدعاً مُتَشيِّعاً، و هو الذي نصر المُعْتزلة في فتنة خَلقِ القرآن، و قتل علماءً من خيرة علماء أهل السنة. و أما المعتصم (ابن الرشيد من زوجته التركية) فكان جاهلاً أميّاً لا يعرف الكتابة، على ما كان فيه من بأس و قوّة و شهامة. و هو الذي جلد الإمام أحمد بن حنبل و عذّبه و سجنه.

و العجيب أنه حتى في حكم المعتصم الذي يُعتبر أقوى الخلفاء العباسيين، فإن حروبه مع الروم لم يكن فيها تفوق كاسح. و لم يكن عند العباسيين القدرة على حرب الروم و حصار القسطنطينية بنفس القوة التي كان بها الأمويين. بل لم تكن عندهم القوة أصلاً لإدارة كل تلك البلاد الشاسعة التي ورثوها عنهم، إذ ضعفت الدولة و أخذت تتفتت منذ أوائل حكمهم. فاستقلّت عُمان[7]، ثم استقلّت الأندلس على يد الأمير الأموي عبد الرحمان الداخل (صقر قريش) أيام المنصور[8]. ثمّ استقل الأدارسة (من نسل الحسن بن علي) بالمغرب و الجزائر. ثمّ استقلّت الأغالبة بتونس أيام الرشيد. كذلك استقلّت بلاد ما وراء النّهر و بلاد السند، ثم تلتها أيام المأمون خراسان و فارس. و هكذا نجد أن ضعف العباسيين لعدم امتلاكهم لعصبية تحميهم، هو الذي أدى إلى تمزق بلاد المسلمين، ذلك التمزق الذي ما زلنا نعاني منه إلى اليوم.

و زادت سيطرة الفرس على الدولة بسبب إهمال العباسيين للعرب، فلجأ المعتصم إلى الأتراك، فاستبدو بالحكم، و تفتت الدولة العباسية و ذلك أن العرب لا تفلح إلا بحاكم عربي:

و إنما الناس بالملوك و ما                                                                                             تفلح عرب ملوكها عجم

خط زمني للعصبية

الحوادث الأساسية

الميلادي

الهجري

الجيل

بدء الدعوة الإسلامية، تعذيب و حصار للمسلمين لمدة 13 سنة لنقلهم إلى الجيل الأول

 

-13

الرابع

الهجرة النبوية إلى المدينة، تأسيس أول دولة إسلامية، بدء الجيل الأول

 

1

الأول

(1هـ–41هـ)

وفاة الرسول r بعد عشرة سنين في المدينة وطّد بها أركان الدولة

632

11

الحسن (آخر الخلفاء الراشدين) يسلّم الخلافة لمعاوية، بدء الجيل الثاني

662

41

وفاة عبد الملك بن مروان، بدء الجيل الثالث

705

86

الثاني

(40–80)

تسلم الوليد الثاني الفاسق، بدء الفتن و المفاسد، بدء الجيل الرابع

742

125

الثالث

(80–120)

ثلاثة خلفاء يُخلعون في عامٍ واحد، محمد بن مروان يتولى الحكم لكنه يواجه ثورات عنيفة و فتن كثيرة

743–744

126

الرابع

(120–160)

مقتل الخليفة الأموي محمد بن مروان و استلام الخليفة العباسي السفاح، استمرار الحرب الأهلية و الفتن

750

132

تسلم محمد المهدي الخلافة، بدء الجيل الأول

775

158

الأول

160–200

تسلم المأمون بعد قتله لأخيه الأمين

813

198

الثاني

200–240

وفاة آخر السلف الصالح[9]

 

220

مقتل المتوكل على يد ابنه، استيلاء الأتراك على الحكم كليّةً لضعف العصبية عند العرب

861

247

الثالث

240–280

استلام المعتضد للخلافة، بدء الفتن

892

279

الرابع

ظهور القرامطة و هم أعظم فتنة ابتلي بها الإسلام حتى الآن

901

286

العرب بعد العصر العباسي

مرّ معنا كيف استولى الأتراك على السلطة الحقيقية في بغداد. و استمر النفوذ التركي على الأمة الإسلامية و زاد بعد استيلاء ابن طولون على مصر، ثم استولى السلاجقة على العراق و من حولها. على أنهم أحسن بمرّات من الفرس أصحاب الدعوات الباطنية المجوسية. ثم أتت موجة جديدة من الترك من منغوليا تحت إسم التّتار، فدمرو بلاد المسلمين كلها.

و ذلك مصداقاً لقول رسول الله r: « إِنَّ بَنِي قَنْطُورَا أَوَّل مَنْ سَلَبَ أُمَّتِي مُلْكهمْ»[10]. و قوله: «إِنَّ التُّرْك تُجْلِي الْعَرَب حَتَّى تُلْحِقهَا بِمَنَابِت الشِّيح»[11] أي بالصحراء. و سنرى كيف حكم المماليك الأتراك الشام و مصر، و كذلك المنغول و التتار المسلمين باقي بلاد المشرق. ثم أتت الدولة العثمانية التركية فحكمت المغرب أيضاً.

على أن انتشار النفوذ التركي و قوته، لم يُضعِف النفوذ الإيراني المجوسي. فقد خرج القرامطة الشيعة[12] عام 286هـ في الأحساء و البحرين في وقت كان الترف قد اشتد بالأمة الإسلامية حتى وصلت إلى الجيل الرابع. و الحقيقة أنه ما واجه المسلمون في تاريخهم أسوء من الشيعة القرامطة و لا شراً منهم أبداً. و قد كان قائد القرامطة المدعو أبو طاهر سليمان، من أشدّ ما ابتُلي به المسلمون من أعداء في تاريخهم. و قد كان زيادة على كفره و خروجه عن الملّة الإسلامية قد أباح نكاح المحارم و أشاع اللواط و نكاح الغلمان، بل إنّه أوجب قتل الغلام الذي يمتنع على من يريد الفجور به. و كذلك أمر بمعاقبة كلّ من أطفأ ناراً، فإنّ أطفأها بيده قطعت يده، و إن أطفأها بالنفخ قطعوا لسانه، و ذلك يظهر تعصّبهم لدين آبائهم من المجوس. و لم يترك –لعنه الله– رذيلة إلاّ فعلها. و قد كان يفعل ما يعجز اللسان عن ذكره من أفاعيل إجرامية بكلّ أرض و شعب تصل قبضته إليه. و هو أوّل من سنّ هتك الأعراض الجماعي أمام أعين محارمهم. و كذلك قطع الطريق على حجّاج العراق عام 312هـ، فأخذ الأموال و الحريم و المتاع وترك الرجال بدون طعام أو ماء أو ركب، فمات أغلبهم جوعاً و عطشاً. و في عام 315هـ قصد بغداد و التقى بجيش المسلمين في الأنبار، و كان عدد جيشه ألف فارس و سبعمئة راجِل، و جيش الخليفة أربعين ألف فارس. و على الرغم من ذلك، فقد فرّ جيش العراق حتّى قبل أن يلتقو بجنود القرمطيّ. و هذا سببه بالطبع هو انعدام العصبية في الجيل الرابع. و في عام 317هـ اتّجه إلى مكّة فدخلها يوم التروية، فقتل الحجيج في المسجد الحرام و داخل البيت المعمور، ثم رمى جثثهم في بئر زمزم. و عرّى البيت و قلع بابه و قلع الحجر الأسود و أخذه معه إلى عاصمته هجر. و قد رُوِيَ أنّه قد قتل ثلاثين ألفاً من الحجّاج و من سكّان مكّة، و قد سبى ما يقارب الثلاثين ألفاً من النساء و الغلمان. و كان ينشد و هو يقتل الحجّاج و الأبرياء من سكّان مكّة:

أنـــا باللـه و باللـه أنــــا   يخـــلق الخـــلق و أفنـــيهم أنـــا

تقول مجلة الواحة (الشيعية المعاصرة) عن القرامطة: «و هكذا جميع الحركات في التاريخ، لا بد أن يكون لها أنصار و أعداء. ذلك هو وضع القرامطة بالضبط: حركة نجحت نجاحاً باهراً، و لكن في منطقة محصورة، و بقي أعداؤها الألداء يمسكون بزمام الأمور في بغداد. و إن كانو يمرون بفترات ضعف و قوة، لم يكن هدفهم (القرامطة) البحرين وحدها، و لكنهم أسقط في أيديهم بفشلهم في الالتحام مع إخوتـهم في بقية المناطق و على رأسها مصر الفاطميين. لم يكن الأمر كذلك فحسب، بل شتتو جهودهم و جهود الفاطميين بحرب هامشية هدفها السيطرة على الحركة الأم، فأتاحو الفرصة للعباسيين لالتقاط الأنفاس و الاستمرار كدولة عجوز بقيت كإطار فحسب. فإذا كان هدفهم البحرين وحدها، فالخلل أصلاً في محدودية الهدف، أما إذا كان هدفهم العام هو بغداد فهذا يعني أنـهم لم يحققوه، و هذا ما جعلهم في الصنف الثاني من الثوار»[13]. هذا الكلام ليس من القرن الرابع أو الخامس الهجري، بل من معاصرين يعتبرون القرامطة المجرمين الذين لا يؤمنون بدين (ثواراً)، و العباسيين أعداء ألداء لمجرد أنهم من أهل السنة[14]!

و العبيديون هم ذرية عبد الله بن ميمون اليهودي (مؤسس المذهب الإسماعيلي)، و ادعو كذباً النسب الفاطمي. ثم تمكنو بمساعدة قبيلة بربرية الاستيلاء على تونس، ثم استولى جيشهم بقيادة جوهر الصقلي النصراني على مصر سنة 362هـ. و أمرو بنقش سب الصحابة على جدران المساجد و في الأسواق و الشوارع. و ارتكبو الفظائع ضد أهل السنة حتى اضطر أهل لمصر لأكل لحوم أبنائهم خلال العهد العبيدي (المسمى خطأً بالفاطمي). و العبيديون كانو خلال حكمهم لمصر يحرصون أشد الحرص أن لا يخالفوا عقائد الناس الظاهرة حتى يستقر لهم ملكهم. بل في عهدهم ظهرت كثير من البدع الدينية لستر عقائدهم و كفرهم الباطني، منها: الاحتفال بالمولد النبوي الشريف، و الاجتماع في الأعياد البدعية كالنصف من شعبان و يوم عاشوراء، و الصلاة على النبي r جهراً بعد الأذان، و التذكير قبل أذان الفجر بالأناشيد و قراءة القرآن. هذه البدع و غيرها بمساعدة مشايخ الطرق الصوفية استطاعو إخضاع الناس لحكمهم و تزوير حالهم على كثير من العوام. فلما استتب لهم الأمر أظهرو عقيدتهم الباطنية في تأليه الأئمة[15].

و مع جرائمهم الفظيعة ضد أهل السنة، فقد اعتمدو بشدة على اليهود و النصارى في إدارة دولتهم و جيوشهم. و قامو بتسليم القدس و أهلها للصليبيين بدون مقابل. و لذلك قبل أن يبدأ صلاح الدين الأيوبي بقتال الصليبيين، فإنه قاتلهم أولاً و قضى على دولتهم لأنهم أخطر على الإسلام من اليهود و النصارى.

و الهدف من استعراض هذه الحقائق التاريخية هو ارتباطها الوثيق بحاضرنا. فلا بد للمفكر السياسي المعاصر من أن يتأمل التاريخ الماضي الذي لا يتوقف عن تكرار نفسه، و أن يتعظ به فيبني لفكره قاعدة صلبة، لأن المؤمن لا يلدغ من حُجر مرتين كما في الحديث الصحيح. فسقوط بغداد مثلاً بأيدي التتار بقيادة هولاگو، كان أكبر مصيبة تصيب الحضارة الإسلامية لما سببته من فقدان المؤلفات العلمية الثمينة. لكن كتب التاريخ المعاصرة قليلاً ما تذكر أن الذي أتى بجنگيز خان المنگولي إلى بلاد المسلمين كان شيعيّاً. و قليلاً جداً ما تذكر أن زوجة هولاگو كانت نصرانية شديدة الكره للإسلام، و كذلك قائد كبار جيوشه. و نادراً ما تذكر أيضاً أن سقوط بغداد كان بمؤامرةٍ شيعية ضد الخلافة العباسية السنية.

و قد اشترك في ارتكاب هذه الخيانة العظمى: العالم الشيعي الكبير النصير الطوسي الفارسي، و وزير شيعي و هو محمد بن احمد العلقمي الفارسي، و مؤلف معتزلي أكثر تشيعاً من الشيعة و هو عبد الحميد بن أبي الحديد، شارح "نهج البلاغة". إذ أشار الوزير على الخليقة المستعصم بتسريح أكبر عدد ممكن لتخفيف الأعباء المالية على الميزانية العامة. ثم كاتب إبن العلقمي التتر و أطمعهم في البلاد. و حرّضهم الطوسي على غزو بغداد. و لم يستسلم المستعصم فقد أشار عليه البعض بأن ينزل إلى البصرة حتى تسنح الفرصة و يأتيه نصر الله. لكن وزيره ابن العلقمي خدعه بأن الأمور ستسير على ما يرام لو التقى بهولاگو.

فخرج المستعصم و معه كبار علماء بغداد، فقتلهم هولاگو مرة واحدة. و كان قتلى بغداد كما تقول المصادر المعتدلة 1,800,000 مسلم و مسلمة، كانو هم ضحايا ابن العلقمي و الطوسي. و الأخير كان قد أصدر فتوى بجواز قتل المستعصم حين تردد هولاگو عن قتله، فافهمه الطوسي أن من هو خير منه قد قتل و لم تمطر الدنيا دماً. و قد استبيحت بغداد عام 1258 و ذهبت نفائس كتب التراث الإسلامي. و لم يكن ذلك اليوم آخر نكبة حلت بالأمة على يد الوزراء الفرس و لابسي العمامة الفارسية المجوسية. و مع ذلك يقول الخميني: «و يشعر الناس بالخسارة بفقدان الخواجة نصير الدين الطوسي و أمثاله ممن قدمو خدمات جليلة للإسلام». بل إنه اعتبر مجزرة بغداد نصراً حقيقياً للشيعة[16]. و ما يزال الشيعة إلى اليوم يفتخرون بما عمله شيخهم الطوسي[17].

و هذا تيمور لنك –المجرم المنگولي الجزار– تذكر كل المصادر أنه كان شيعياً، و كان يرتكب تلك المجازر الفظيعة و يقتل المسلمين بالآلاف انتقاماً للحسين بزعمه. و قتل في بغداد لوحدها تسعين ألفاً. و استباح تيمور لنك مدينة دمشق لسبعة أيام بلياليها، و كان جنوده يغتصبون النساء و العذارى حتى في المساجد، و قيل أنهم لم يبقو و لا فتاة عذراء في دمشق حينها. و يبرّر ذلك المجرم فعله بأن أهل السنة قد فعلو ذلك من قبل ببنات الرسول r بعد عاشوراء كما يزعم، فلعنة الله على الكاذبين.

الحكم العثماني

لقد شوه الكثير من المعاصرين فترة الحكم العثماني، بعضهم لتأثرهم بالمستشرقين الناقمين على الفتح التركي الإسلامي لشرق أورپا، و بعضهم بدافع تشويه العصبية الإسلامية أمام القومية العربية.

فقد كان العثمانيون يرون أن دولتهم يجب أن تتوسع في الاتجاه الأورپي فقط ضد النصارى. لأنه لا يجوز لمسلم أن يقاتل مسلماً. و لذلك لم تتوسع إلا في اتجاه الغرب على حساب الدولة البيزنطينية حتى سقطت القسطنطينية بقيادة السلطان محمد الفاتح، فغير اسمها إلى إسلام بول أي مدينة الإسلام. و قد جاء في الحديث الشريف «لتفتحنّ القـُسطنطينية، وَ لنِعم الأميرُ أميرُها، ولنعمَ الجّيشُ ذلكَ الجّيش»[18]. و بسقوط تلك المدينة التاريخية، فتح الباب على مصراعيه أمام الدولة العثمانية للتوسع إلى أورپا. و سرعان ما بدأت الإمبراطوريات الأورپية العريقة تسقط الواحدة تلك الأخرى، حتى اجتاح العثمانيون شرق أورپا بأكملها و وصلو لكييف شمالاً و إلى البندقية غرباً. و حاصرت فيينّا عاصمة الإمبراطورية الهنگارية النمساوية، إحدى أقوى ممالك أورپا آنذاك. لكن حصل ما لم يكن بالحسبان.

ففي الشرق كانت قبيلة شيعية من تبريز قد استولت تدريجياً على بلاد فارس و أسست المملكة الصَّـفَويَّـة. و أرغم الصفويون أهل السنة بالحديد و النار على الدخول في التشيع و لعن الصحابة، حتى تحولت بلاد فارس للمرة الأولى إلى التشيع. و لم يكتف الصفويون بذلك بل أخذو بالتوسع نحو البلاد المحيطة بهم بغرض نشر المذهب الشيعي بالقوة، فأغارو على العراق. و هنا لم يستطع العثمانيون السكوت عن هذا كله فأرادو مساعدة إخوانهم السنة في العراق.

و في إيران تحالف الشاه طهماسب ابن الشاه إسماعيل الصفوي مع ملك هنكاريا ضد الدولة العثمانية المسلمة خلافاً للإجماع الفقهي في منع التحالف مع الكفار. و قد تم ذلك التخالف بفتوى أصدرها الشيخ علي الكركي المجتهد الشيعي الكبير. و كان ذلك سبب في إيقاف الدولة العثمانية عن الجهاد في أورپا بعد أن حاصرت فيينّا، و اضطرت لدخول العراق و الجزيرة العربية لإنقاذها من التحالف الصفوي الپرتگالي. فأخرجت الصفويون من العراق ثم تقدمت على سواحل الخليج العربي لتطرد الپرتگاليين الذين عاثو فيها فساداً.

و نتيجة لتحالف المماليك مع الصفويين فقد اضطر العثمانيون لاحتلال الشام و مصر و تخليصها منهم. ثم أعلن السلطان العثماني سليم الأول نفسه خليفة للمسلمين. فما لبث شريف مكة إلا أن أتاه مستنجداً من الپرتگاليين الذين أغارو على سفن الحج و خططو للهجوم على المدينة لسرقة الجثمان الطاهر للنبي r. فأرسل العثمانيون جيوشهم إلى الحجاز و اليمن و سواحل البحر الأحمر و طردو الپرتگاليين منها شرَّ طردة.

ثم استنجد بهم حاكم الجزائر بربادوس من غزو الإسپان الذين تحالفو مع حاكم تونس الخائن و تمكنو من احتلال عدد من مدن الجزائر الساحلية. فأنجده الخليفة العثماني و دارت حربٌ طاحنة مع أقوى دولة أورپية آنذاك، انتهت بهزيمتها و تحول البحر المتوسط إلى بحيرة عثمانية.

وصلت الدولة العثمانية إلى ذروة قوتها في نهاية القرن الخامس عشر و بداية القرن السادس عشر عندما اجتاحت جيوشها معظم أجزاء الوطن العربي. و قد فعلت ذلك مضطرة كما رأينا. لكن ضعف عصبية العرب أدت إلى تخلف الدولة و وقوعها تدريجياً بأيدي المستعمر الأورپي. و ذلك أن العرب إذا رأو الحكم بأيدي العجم تركو الدفاع عن الدولة لهم و أقصرو عن الحرب. و لم يعد يعنيهم كثيراً إن حكمهم أتراك أم غيرهم، فالنتيجة حاكم أجنبي. فلم تستطع الدولة العثمانية أن تتحمل أعبائهم فضعفت و سقطت. و الله وارث الأرض و من عليها.

 



[1]  لقد هجى أعشى همدان (ت 84هـ) في ديوانه (ص 148) و تاريخ الطبري (6/83) المُختارَ بن أبي عبيد الثقفي و أنصاره من أهل الكوفة بعدما فرّ مع أشراف قبائل الكوفة إلى البصرة بقصيدة جميلة منها:

شهدت عليكم أنكم سبئية * و أني بكم يا شُرطة الكفر عارف

فهذا دليل قاطع على تبعيّة المختار لأفكار إبن سبأ اليهودي.

[2]  للمزيد عن أسماء تلك الفرق و أفكارها، إنظر: الملل و النحل للشهرستاني (1\174–147) دار المعرفة.

[3]  البداية و النهاية (10\ص32).

[4]  أبو مسلم الخراساني يقال له عبد الرحمان بن شيرون ابن اسفنديار أبو مسلم المروزي. و قيل كان اسمه إبراهيم بن عثمان بن يسار بن سندوس بن حوذون من ولد بزَرْ جمهر. و لمّا بعثه ابراهيم بن محمد الإمام إلى خراسان قال له: غيّر إسمك و كنيتك، فتسمى عبد الرحمان بن مسلم. عن البداية و النهاية. فهو فارسي الأصل، و كان أتباعه من الفلاحين الفرس. و دعايته كانت قائمة على أساس من المعتقدات المجوسية.

[5]  ضحى الإسلام (1\140).

[6]  المنار المنيف، صفحة 107.

[7]  و يقال أن العباسيين لم يدخلوها أصلاً.

 [8] والأصح أنهم لم يدخلوها أصلاً لشدة ضعفهم.

[9]  ثبت في الصحيحين عن عمران بن حصين t أن رسول الله r قال: «خَيْرُ أُمَّتِي قَرْنِي، ثُمَّ الَّذِينَ يَلُونَهُمْ، ثُمَّ الَّذِينَ يَلُونَهُمْ». قال عمران: «‏فلا أدري أذكر بعد ‏قرنه: ‏قرنين ‏أو ثلاثاً». ‏قال ابن حجر في الفتح: «وقع مثل هذا الشك في حديث ابن مسعود و أبي هريرة عند مسلم، و في حديث بريدة عند أحمد. و جاء في أكثر الطرق بغير شك». و قرن النبي r هو قرن الصحابة، ثم بعده قرن التابعين، ثم قرن أتباع التابعين، ثم قرن أتباع أتباع التابعين (وهي طبقة النسائي). و القرن في لغة العرب يطلق على فترة ما بين عشرة أعوام إلى مئة و عشرين، و الصواب. و لكن الراجح هنا هو سبعين عاماً لعدة أمور:

1– أن القرن معناه في لغة العرب كل أمة هلكت فلم يبق منها أحد، لأن لفظ القرن مأخوذ من الأقران. فلا علاقة للمسألة هنا بقضية العصبية.

2– قال ابن حجر«و اتفقو أن آخر من كان من اتباع التابعين ممن يقبل قوله، من عاش إلى حدود العشرين و مئتين (220 هـ). و في هذا الوقت ظهرت البدع ظهوراً فاشياً، و أطلقت المعتزلة ألسنتها، و رفعت الفلاسفة رءوسها، و امتُحِن أهل العلم ليقولو بخلق القران، و تغيرت الأحوال تغيراً شديداً». الفتح (7\ص5).

3– في الحديث «أعمار أمتي بين الستين و السبعين». فإذا اعتبرنا فترة السبعين عاماً كافية لموت أقران ذلك الشخص، يكون انتهاء السلف الصالح عام (220هـ). و هذه الفترة أيضاً هي فترة انقضاء أهل الطبقة الثالثة وهي المذكورة في الحديث. و عقبها ظهرت الفتن، و الله المستعان. فيكون هذا القول أصح الأقوال لجمعه بين كثير من الأدلة و لظهور لعلامات التي ذكرها النبي r في الخَلَف بعد هذا التاريخ كتفشي الكذب و غيره. و قال بعض الأئمة القرن هو مئة سنة، فجعلو الحد الفاصل بين أقوال المتقدمين و المتأخرين هو عام (300هـ). وبهذا يشمل السلف الصالح من نقل عن أتباع التابعين أي طبقة أحمد والنسائي.

فالقول الراجح إذاً هو بين 220 و300، و الله أعلم.

[10]  أَخْرَجَهُ الطَّبَرَانِيُّ.

[11]  أخرجه أبو يعلى.

[12]  مؤسّس مذهب القرامطة هو حمدان بن الأشعس الملقّب بقرمط، و أصله فارسيّ مجوسيّ. و كان قد دخل في بداية حياته في مذهب الإسماعيلية الباطنيّة على يد حسين الأهوازي ابن مؤسّس المذهب الإسماعيلي العبيدي عبد الله بن ميمون بن ديعان القدّاح اليهودي. و قد أخذو الإباحية من مذهب مزدك المجوسي.

[13]  الواحة، العدد الرابع، شوال 1416 هـ صفحة: 126. و هي مجلة شيعية فصلية تعنى بشؤون الخليج العربي.

[14]  لا بد أن يعلم القراء أننا لسنا من هواة المعارك الوهمية، و لا التفتيش عن المنافرات و الردود، و ليس أيضاً حباً في الفرقة كما يردد المغفلون. و لكن ما الحيلة و الرافضة ما ينفكون عن الكتابة و تشويه التاريخ الإسلامي و الدعوة إلى بدعتهم بشتى الوسائل ليلاً و نهاراً. و المغفلون  يقولون: إن شيعة اليوم غير الأمس، و نحن و إياهم في خندق واحد ضد أمريكا. و هذا كلام ليس فيه أثارة من علم، و لا هو مبني على معلومات و معطيات على أرض الواقع. و قد نشرت مجلة السنة اللندنية مجموعة مقالات بعنوان إلى المغفلين من أهل السنة تحدثت كثيراً عن هذا الموضوع. إنظر www.alsunnah.org العدد 95.

[15]  ذكر ذلك عالمهم الكرماني في "راحة العقل"، و هو من أهم كتبهم قديماً و حديثاً، و قد قام على طبعهم أحد دعاتهم المعاصرين. وقد أفردهم أبو حامد الغزالي بكتاب "فضائح الباطنية". و نقل القاضي المالكي عياض، المتوفى سنة 544 هجرية، في "ترتيب المدارك وتقريب المسالك" (7\274)، إجماع علماء القيروان و غيرهم على كفر العبيديين و كفر كل من دعا لهم أو شكك الناس بكفرهم.

[16]  إنظر لما كتبه في كتابه "الحكومة الإسلامية" (ص 142) ط4.

[17]  يقول علامتهم المتتبع كما وصفوه الميرزا محمد باقر الموسوي الخونسري الأصبهاني في روضات الجنات في أحوال العلماء و السادات (1/300 – 301 منشورات مكتبة إسماعيليان قم إيران) في ترجمة هذا المجرم ما نصه: «هو المحقق المتكلم الحكيم المتبحر الجليل … و من جملة أمره المشهور المعروف المنقول حكاية استيزار للسلطان المحتشم في محروسة إيران هولاگو خان بن تولي جنكيز خان من عظماء سلاطين التاتارية و أتراك المغول و مجيئه في موكب السلطان المؤيد مع كمال الاستعداد إلى دار السلام بغداد لإرشاد العباد و إصلاح البلاد و قطع دابر سلسلة البغي و الفساد و إخماد دائرة الجور و الإلباس بإبداد دائرة ملك بني العباس و إيقاع القتل العام من أتباع أولئك الطغاة، إلى أن أسال من دمائهم الأقذار كأمثال الأنهار فانهار بها في ماء دجلة، و منها إلى نار جهنم دار البوار و محل الأشقياء و الأشرار». و نكتفي بذلك و افتخارهم بمجازرهم ضد أهل السنة في التاريخ أمر مشهور.

[18]  أخرجه أحمد في مسنده والحاكم في المستدرك، و صححه السيوطي في الجامع الصغير.